رومانسية في الوقت الضائع

قد تندهش إذا عرفت الرومانسية عند العجاوز(كبار السن) في اليمن, أكثر مما عليه عند الشباب وفي ذلك قالت الشاعرة شيبة يدلعني ولا شباب يبهدلني" ولا يجب أن تتعجب بأي حال عندما تجد شيبة في الثمنانين من عمره وهو يضع المشفر في جيبه ويختار الثوب الأبيض النظيف ويتعطر ثم يفرد من قلبه(ياليتني مسجلة بجيبك أين ما تروح قاني سلى قليبك" في حين تجد شاباً من عيال النيدو ينفث حبه دخان ويتغزل بأغنية (قم أو قف وأنت بتكلمني).
والحقيقة انه سار من كل شئ أحسنه حتى الحب والغزل والرومانسية أين نحن من زمن (واني أسألك واشمس لا تغيبي زيدي قليل حتى يصل حبيبي).
اين نحن من تلك المشاعر المتدفقة التي كانت تفيض حباً وحناناً وصدقاً وتلقائية
(جننتني خليتني بغير حس مشيتني هيجة بلا مداعس)
أين نحن من رومانسية زمان التي كان يقال فيها (يا رحمتي للعاشق المفارق دمعه غزير وندهته بوارق)
أين نحن من شوق زمان(أمانة الله يانجوم يا اثنين كيف العيون بعد الفراق ينومين).
ما هذا الحب الماسخ حق هذه الأيام جسد بلا روح , وكلام بلا نكهة ولا مذاق, ومشاعر وعبارات مستهلكة مثلها مثل البضائع المقلدة, وفوق هذا وهم وخيال أكثر منه واقع.
خيال ووهم يقتاته المراهقون من المسلسلات التركية وما يشاهدونه في القنوات الفضائية بعيداً عن بيوتهم وواقعهم.
قبل أيام شفت رجال يتمشون مع نسائهم بعد الفجر في خط الستين فقلت سبحان الله عاد من زمان الرومانسية بين الأزواج ولكن سرعان ما عرفت أنهم مرضى بالضغط والسكري يترقبون الساعة التي تكون فيها الشوارع خالية للمشي بناءً على نصيحة الأطباء.
المشهد قمة في الروعة الإنسانية والإنسان يشوفهم فيحمد الله على الصحة, تجدهم يمشون وكأنهم يتحدون المرض والموت, ما أثار ملاحظتي هو : لماذا لا تستيقظ إلا في الوقت الضائع؟! يعني الإنسان ما يمشي إلا بعدما يمرض وما يصبح رومانسي إلا بعدما يشيب.
هل الرومانسية تبدأ عن الرجل عندما يبدأ الإخلاص على اعتبار صحة العبارة التي تقول إن الإخلاص يبدأ عن الرجل عندما يبدأ في السبعين.
عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي